Banner

هل لاتزال الشيكات وسيله فعاله لضمان الدين

November, 11,2018
بقلم مجاهد السباعي

الشيك هو من أكثر الأوراق التجارية استخدامًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليس فقط لأنه يستخدم كوسيلة للدفع، ولكن أيضًا لأنه الورقة التجارية الوحيدة المحمية بأحكام قانون العقوبات الإماراتي ("قانون العقوبات")، والذي عزز الثقة في الشيكات كطريقة للدفع. ونتيجة لذلك ، إستخدمت الشيكات لعقود في الأسواق المحلية كنوع من انواع الضمان.

وفقًا لإحصائيات المصرف المركزي في الدولة، لقد تم خلال الربع الأول من العام الحالي تقديم ما يقارب 7.17 مليون شيك لنظام المقاصة لدى المصرف، ارتجع منها 310 الف شيك.

المسئولية المرتبطة بالشيكات المرتجعة في الدولة ذات شقين. الأول منها هو جزائي وفقا لأحكام المادة 401 من قانون العقوبات والتي حددت 5 حالات يتحقق معها الركن المادي لجريمة الشيك بدون رصيد والتي قد تؤدي إلى السجن أو الغرامة لمن يصدر شيكاً بسوء نية أو بدون رصيد كافي؛ أو يقوم بسحب كافة الأموال المودعة أو جزء منها بعد إصدار الشيك بهدف أن لا يغطي الرصيد المتبقي مبلغ الشيك؛ أو يعطي أمر للبنك المسحوب عليه الشيك لوقف صرف الشيك؛ أو يتعمد كتابة أو توقيع الشيك بطريقة تجعله غير قابل للدفع؛ أو يظهر لشخص آخر أو يسلمه شيك لحامله مع العلم بعدم كفاية الرصيد لديه لتغطية هذا الشيك أو بأنه لا يمكن سحبه.

حتى بداية العام الماضي ، كانت عقوبة الشيكات المرتجعة هي الحبس (عادة تكون من شهر حتى ثلاثة أشهر - ويمكن أن تصل حتى 3 سنوات) أو الغرامة (تتراوح بين 1،000 درهم إلى 30،000 درهم) لأي شخص يعجز عن تسديد قيمة الشيك، أو يقوم بفعل يهدف الي تجنب دفع قيمته الشيك وفقاً لأحكام المادة 401 من قانون العقوبات والتي جرى استخدامها كطريقة للضغط على المدينين لسداد قيمة الشيك لتجنب عقوبة الحبس.

إلا أنه منذ صدور القانون رقم 1 لعام 2017 في إمارة دبي ودخوله حيز التنفيذ، والذي يهدف للفصل في الجنح التي يعاقب عليها بالغرامة فقط أو بالسجن أو الغرامة (مثل تلك المتعلقة بالشيكات المرتجعة)، للحد من أعباء المحاكم من خلال منح وكلاء النيابة السلطة لإصدار أوامر جزائية بشكل مباشر وبسرعة وبأقل تكلفة، فإن الإجراءات الجزائية التي يستخدمها الدائنون لوضع المدينين تحت الضغط بسبب ارتجاع الشيك قد تضاءلت بشكل كبير وأصبحت أقل فاعلية في دبي، لأنه ما لم يتجاوز مبلغ الشيك المرتجع 200،000 درهم، فإنه لن يتم سجن محرر الشيك وسيخضع فقط لغرامة لا تزيد على 10،000 درهم. وبمجرد دفع الغرامة المذكورة ، تنتهي المسؤولية الجزائية للمدين.

الشق الثاني من المسئولية هي تجارية بموجب أحكام المادة 599/2 من قانون المعاملات التجارية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة والتي تلتزم محرر الشيك، أو أي شخص آخر يحرره نيابة عنه، بايجاد رصيد كافي لدفع قيمة هذا الشيك. كما تحمل هذه المادة الشخص الذي يحرر شيكًا نيابةً عن شخص آخر (مثل الوكيل أو المدير) المسؤولية بصورة شخصية تجاه المظهرين والحامل دون غيرهم عن إيجاد مقابل الوفاء.

وبالإضافة إلى ما ذكر، يحق للدائنين القيام بأي من الإجراءات القانونية التالية بالنسبة للشيكات المرتجعة:

1) كاستثناء للإجراءات القانونية المعتادة، سواء كانت تجارية أو جزائية، وتيسيراً على الدائنين، أجاز المشرع للدائنين التقدم بطلب إلى محكمة الأمور المستعجلة لإصدار "أمر اداء" إذا كان مبلغ الدين هو مبلغ محدد و مستحق، وموثق كتابياً، وقام الدائن بارسال إخطار للمدين يطالبه بتسديد الدين في غضون مدة أقصاها 5 أيام على الأقل؛

2) يجوز لكل دائن أن يطلب من المحكمة المختصة أو قاضي الأمور المستعجلة توقيع الحجز التحفظي على أموال المدين إذا كان الدائن يحمل وثيقة رسمية أو غير رسمية (مثل الشيك) للدين وكان مبلغ الدين مستحق الدفع وغير معلق على شروط (إلا أنه في حالة صدور قرار الحجز من من قاضي الأمور المستعجلة، يتعين على الدائن بأن يقوم خلال ثمانية أيام عمل من تاريخ توقيع الحجز بأن يرفع دعوى بثبوت الحق وصحة الحجز، وإلا اعتبر الحجز كان لم يكن)؛

3) إذا عجز المدين طوعاً عن تنفيذ حكم نهائي صدر عن طريق الإجراءات التجارية العادية أو أمر أداء نهائي، يجوز للدائن تقديم طلب لقاضي التنفيذ لحبس المدين، إذا تبين أن المدين قادر مالياً على دفع الدين أو إذا كان يخشى هروب المدين خارج الدولة. ويعتبر المدين قادرًا على دفع الدين إذا قام بتهريب أمواله خارج الدولة أو قام بإخفائها؛

4) يجوز للدائن اللجوء الى قاضي الأمور المستعجلة حتى قبل رفع دعواهم الاصلية طلب إستصدار أمر بمنع المدين من السفر إذا قامت أسباب جدية يخشي معها فرار المدين وكان الدين واجب الدفع ومحدد وغير مشروط ولا يقل عن 10،000 درهم وتستند المطالبة بالحق إلى بينة خطية تساند إدعاء وأن يقدم الدائن كفالة تقبلها المحكمة يضمن فيها كل عطل وضرر يلحق بالمدين من جراء منعه من السفر إذا تبين أن الدائن غير محق في ادعائه)؛

5) يجوز للدائن أن يتقدم بطلب إلى المحكمة أو القاضي الأمور المستعجلة المختص بالحجز على حقوق المدين أو الأموال المنقولة التي قد تكون في ذمة الغير و في حيازتهم، لإستيفاء الدين المستحق من المدين للدائن حتى وإن كانت مؤجلة أو معلقة على شرط؛ و

6) يجوز لأي دائن بدين عادي لا يقل عن مائة الف درهم أن يتقدم بطلب إلى المحكمة للبدئ بإجراءات إفلاس إذا كان الدائن قد سبق وأن أعذر المدين كتابة بالوفاء بالدين المستحق ولم يبادر المدين بالوفاء به خلال ثلاثون يوم عمل متتالية من تاريخ تبليغه. وبالرغم من أن هذا الطلب قد يضع المدين تحت ضغط كبير لتسوية الدين لتجنب إشهار إفلاسه، إلا أنه قد لا يضمن بالضرورة أو يؤدي إلى استرداد الدائن لكامل الدين المستحق من المدين.

بهدف الحفاظ على ثقة العامة في التعامل بالشيكات، لا تلتفت المحاكم المحلية (وخاصة الجزائية) إلى الأسباب الكامنة وراء إصدار الشيك، كما ترفض أي دفوع بأن الشيك قد تم تقديمه كضمان. ومع ذلك، قبلت المحاكم التجارية في الدولة بالنظر في هذه الدفوع، في عدد محدود من القضايا، إذا أثبت محرر الشيك أن السبب الحقيقي وراء إرتجاع الشيك هو إخفاق المستفيد في تنفيذ إلتزاماته العقدية المتقابلة أو أن الشيك قد تم إصداره فيما يتعلق بمعاملة غير قانونية.

إن المسؤولية الجزائية دائمًا مرتبطة ومقتصرة على الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بالتوقيع على الشيك (وإن قاموا بالتوقيع على الشيك بالنيابة عن الغير)، إلا أن المسؤولية التجارية، وبالرغم من أن الأصل أن تصرف النائب، الموقع على الشيك أو الساحب بموجب وكالة أو بالنيابة عن غيره، ينصرف للأصيل، قررت المحاكم المحلية، بأنه استثناء من ذلك الأصل العام، وحماية للتعامل بالشيكات وعدم الإخلال بها، فإن الوكيل الذي أصدر الشيك ووقع عليه بالنيابة عن الأصيل صاحب الحساب المسحوب عليه لدى البنك يكون مسؤولا في ماله الخاص امام المظهرين وحامل الشيك عن أدائه بالإضافة إلى مسؤولية الأصيل عن أداء مقابل هذا الشيك (مثل توقيع المدير نيابة عن الشركة التي يعمل بها).

على الرغم من التأثير المحدود لقانون إمارة دبي رقم 1 لسنة 2017، يتعين على المستثمرين أن يأخذوا في اعتبارهم هذا التأثير على معاملاتهم، وذلك بهدف تقييم المخاطر المرتبطة بمعاملاتهم بعناية. كما يمكنهم أيضًا الأخذ في الإعتبار هيكلة وحماية إستثماراتهم من خلال أشكال أخرى أو إضافية من الضمانات أو الرهون بدلاً من مجرد الإعتماد على الشيكات خاصة تلك المؤجلة الدفع وذلك وفقا لطبيعة الإستثمار أو التعاقد وقيمته والأطراف المتعاقدة.