Banner

كوفيد – 19 والقوة القاهرة – نظرة على القطاع اللوجستي

April 22, 2020
By Shani Salim

في خضم جائحة كوفيد-19 العالمية تم إصدار العديد من القرارات والبروتوكولات لاحتواء انتشار الفيروس بشكل أكبر بما في ذلك إغلاق الموانئ والحدود. وأصبح التباعد الاجتماعي والحجر الصحي هو القاعدة وتعرضت الطريقة التي يتم بها إدارة الشركات إلى تحول جذري.

تأثير كوفيد -19

إن القطاع اللوجستي والذي يُعد العمود الفقري لسلسلة التوريد العالمية يواجه أحد أصعب اختباراتها وقد تحدد إمكانية تكيفها مستقبل العولمة. لقد تضرر هذا القطاع بشكل خاص من القيود المفروضة على الحدود والموانئ مما تسبب في تمديد فترات العبور بسبب الشحنات المحتجزة في مناطق الحجر الصحي مما أدى إلى تأخير البضائع وتدهورها. وأدت الزيادة في الطلب على بعض العناصر بما في ذلك الغذاء والدواء إلى حدوث فوضى في أجزاء كثيرة من العالم بينما تواجه السلع الأخرى انخفاضاً شديداً في الطلب نتيجة الايعاز للجميع بالابتعاد عن الأماكن العامة.

علاوة على ذلك فقد أصبح من المرهق بشكل خاص على الشركات الوفاء بالتزاماتها التعاقدية لأن الموظفين إما غير قادرين على الحضور إلى العمل بسبب القيود أو يفضلون العزلة الذاتية لاحتواء انتشار الفيروس. وقد مهد هذا الطريق لزيادة التركيز على توفير الدعم والمساعدة في ظل القوة القاهرة لشركات الخدمات اللوجستية، إما من خلال عقودهم أو القوانين المعمول بها، لمواجهة الأزمة الحالية.

تدرس الكيانات في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تأثرت بشكل خطير بـ كوفيد-19 إمكانية استخدامه كحدث قوة قاهرة لتجنب الالتزامات التعاقدية في ضوء القيود المختلفة التي تم فرضها ، أو أنها تفكر في إعادة التفاوض على عقودها الحالية للحفاظ على اعمالها وحماية سيولتها النقدية.

هل يمكن الإشارة إلى كوفيد-19 على انه "قوة قاهرة"

القوة القاهرة هي إشارة إلى حدث خارجي خارج عن سيطرة الأطراف المتعاقدة والذي يستشهدون به كسبب لعدم أدائهم لالتزاماتهم التعاقدية. على الرغم من عدم وجود تعريف محدد للقوة القاهرة بموجب قانون دولة الإمارات العربية المتحدة إلا أنه ينص على الإلغاء التلقائي للعقد إذا أدى حدث قوة قاهرة غير متوقع ولا يمكن تجنبه إلى استحالة تنفيذ العقد. ومع ذلك إذا كان تنفيذ العقد مستحيلاً جزئياً فقط، فسيتم إلغاء الشروط الذي تعذر تنفيذه فقط رهناً بإرسال إشعار من الطرف المتضرر بحدث القوة القاهرة.

في دولة الإمارات العربية المتحدة ووفقاً للأحكام القانونية والسياسة العامة، يتمتع الأطراف عموماً بحرية الموافقة على الشروط التعاقدية التي تحكم علاقتهم بما في ذلك شرط القوة القاهرة. حتى في حالة عدم وجود أحكام صريحة تتعلق بالقوة القاهرة في العقد، يمكن للأطراف الاعتماد على عدة مواد تتناول مفهوم القوة القاهرة وعواقبها المنصوص عليها في القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 5 لعام 1985 ("القانون المدني").

إن أكثر الأحكام ذات الصلة في القانون المدني التي يمكن للأطراف الرجوع إليها هي المادة 273 للدفع بالقوة القاهرة. حيث تنص المادة على:

"(1) في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى معه الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه" .

(2) وإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل وينطبق هذا الحكم على الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي هاتين الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين."

إن السبب الاستشهاد بالبند أعلاه هو استحالة الأداء أو الاستحالة الجزئية. تُظهر احكام المحاكم إن محاكم الإمارات غالباً ما تطبق اختبار إمكانية توقيع حدث القوة القاهرة قبل التحقق من صحة أي مطالبة تقدم بسبب قوة قاهرة. حتى شروط القوة القاهرة في العقد يتم تفسيرها بشكل ضيق وغالباً ما يتم الحكم على أن حدث القوة القاهرة يجب أن يكون غير متوقع ولا يمكن السيطرة عليه ويجعل أداء العقد مستحيلا بمعنى الكلمة من أجل إلغاء العقد تلقائياً. إذا كان متوقعاً، يتعين على الأطراف التصرف بحسن نية لتخفيف الضرر الناجم عن الحدث العرضي.

مما لا شك فيه أن هناك إمكانية للدفع بأن جائحة كوفيد-19 الحالية هو حدث قوة قاهرة بموجب المادة 273. ويبقى أن نرى كيف تتعامل المحاكم مع معيار إمكانية التنبأ أو التوقع، خاصة فيما يتعلق بالعقود التي تم إبرامها بعد الاعلام من قبل منظمة الصحة العالمية عن التهديد الذي يمثله كوفيد-19. كما يعود الأمر أيضًا للطرف الذي يطالب بالحل لإثبات الظروف الخاصة التي جعلت الأداء مستحيلًا.

إذا كان أحد الأطراف غير قادر على إثبات القوة القاهرة بموجب المادة 273 ، فإن الخيار الآخر الذي يمكن النظر فيه هو المادة 249 من القانون المدني التي تنص على مبدأ الظروف الاستثنائية. حيث تنص المادة إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

إن الفرق بين تأثير المادتين هو أن المادة 273 تنص على إنهاء الالتزام، بينما تسمح المادة 249 بتعديل الالتزامات التعاقدية فقط.

كما يسمح القانون المدني لدولة الإمارات العربية المتحدة طبقاً للمادة 287 بإعفاء الأطراف من تعويض خسارة تكبدها طرف آخر إذا كانت تلك الخسارة ناجمة عن قوة قاهرة ما لم يكن هناك اتفاق قانوني على عكس ذلك أو ينص حكم قانوني معين على خلاف ذلك. ينص هذا البند على القوة القاهرة كدفع في دعاوى المسؤولية.

كانت المحاكم الإماراتية مترددة في تطبيق المادتين 273 و 249 على مجرد الدفع بالقوة القاهرة من قبل الأطراف التي لم تتمكن من أداء التزاماتها التعاقدية ما لم يتم اجراء تحقق صارم. فلن يُسمح لأحد الأطراف على سبيل المثال بالتماس حل بموجب هذه المواد لمجرد أنه اتضح أن العقد لم يعد مجدياً من الناحية الاقتصادية.

في بيئة الخدمات اللوجستية والشحن، قد يترتب على القيود المفروضة على حركة البضائع زيادة تكاليف التشغيل وبالتالي التأثير على ربحية الشركة أو إجبارها على تحمل خسائر. وهذا لن يفي باختبار الاستحالة أو ادعاء القوة القاهرة. ومع ذلك إذا تم إغلاق المناطق تماماً أو إغلاق الحدود بسبب كوفيد -19 وهذا يمنع أي توريدات فقد يشكل ذلك ايضاً استحالة.

إذا كان حدث القوة القاهرة أو استحالة الأداء ناتجاً عن إهمال أحد الطرفين، فمن غير المرجح أن تؤيد المحاكم أي محاولة لفسخ الالتزامات. وقد يؤدي إرسال شحنة عبر منطقة محظورة بينما تتوفر بدائل أو عدم تجنب موانئ أو مناطق توجد فيها قيود، يؤدي إلى عدم قدرة وكيل الشحن على الاعتماد على شرط القوة القاهرة.

في حالة فقدان البضاعة أو تلفها، قد يحتاج الأطراف إلى النظر في تحديد المسؤولية والاستثناءات المتاحة بموجب القانون أو بموجب الشروط المتفق عليها. تنص المادة 308 من القانون الاتحادي رقم 18 لعام 1993 بشأن المعاملات التجارية على إعفاء الناقل من المسؤولية فيما يتعلق بتلف أو تدهور حالة المواد أو التأخر في تسليمها إذا ثبت أن ذلك نجم عن قوة قاهرة أو إجراءات حكومية. ومع ذلك قد يتعين على وكيل الشحن أو الناقل الذي يسعى إلى تجنب المسؤولية عن الخسارة أو التأخير الناجم عن إجراءات الحكومة بسبب كوفيد-19 إثبات أنه اتخذ كل العناية المعقولة على الرغم من الأحداث التي كانت خارجة عن سيطرته. حتى وإن علقت البضاعة نتيجة تأخير أو حجر صحي أو خلافه من الاشكاليات المماثلة، فقد يبقى واجباً على عاتق وكيل الشحن مواصلة الاهتمام تجاه الشحنة ولا يمكنه التخلص من الالتزامات التعاقدية بمجرد ذكر القوة القاهرة.

هناك أيضاً أحكام مختلفة في القانون البحري لدولة الإمارات العربية المتحدة (القانون الاتحادي رقم 26 لعام 1981) والتي تحدد بشيء من التفصيل كيف تؤثر أحداث القوة القاهرة على الأنشطة البحرية

شرط الإخطار

يُنصح الطرف الذي يسعى إلى الاعتماد على القانون المدني بشأن ظروف القوة القاهرة إخطار الطرف المقابل بالإلغاء لتجنب أي زعم بالاخلال بالالتزام العام بموجب المادة 246 من القانون المدني لتنفيذ العقد بما يتفق مع متطلبات حسن النية. المادة 273 (2) التي تتناول الاستحالة الجزئية، تفرض أيضاً إخطاراً من قبل الطرف المتضرر لتفعيل البند. يفرض قانون دولة الإمارات العربية المتحدة واجب تنفيذ العقود بحسن نية وتتوقع المحاكم الإماراتية من الأطراف عدم مضاعفة خسائرهم. لذلك يُنصح دوماً بإخطار الطرف الآخر في الوقت المناسب عن طبيعة الحدث وتقديم شرح للسبب الذي أدى إلى إستحالة الأداء والتصرف بسرعة ومنطقية لتقليل خسائر الطرف نفسه.

إذا كان بند القوة القاهرة يحتوي على شرط الإخطار، فستتوقع محاكم دولة الإمارات العربية المتحدة أن يلتزم الطرف بذلك بعناية قبل طلب الإستثناءات المتاحة بموجب البند المذكور. لذلك يوصى بتقديم إخطار على النحو الواجب قبل انتظار تكبد الشحنة خسارة أو ضرر ، إذا كان من المتوقع حدوث مشاكل ناجمة عن أزمة كوفيد-19 أو من القيود الحكومية ذات الصلة التي قد تؤدي إلى وقوع حدث مشمول ببند القوة القاهرة.

باختصار

إن المشكلات التي أوجدها كوفيد-19 مثل تحدياً تجارياً فإن قانون دولة الإمارات العربية المتحدة لا يرى أن هذا يعفي طرفاً من التزاماته التعاقدية. إن بند القوة القاهرة في العقود يمكن أن يوفر للأطراف فرصة للإعفاء من الالتزامات التي أصبحت ثقيلة خلال أزمة كوفيد-19 الحالية. ومع ذلك ستطبق محاكم دولة الإمارات العربية المتحدة تفسيراً حذراً وصارماً لهذه البنود وستطلب من الأطراف التصرف بحسن نية.

يوصى بمراجعة أي بند من بنود القوة القاهرة في العقود بعناية لضمان الإلمام بأحكام الإخطار وأي متطلبات أخرى قبل الدفع بالقوة القاهرة. يجب أيضاً اتخاذ خطوات سديدة لتقليل الخسائر إذا كان التذرع بالقوة القاهرة أمراً لا مفر منه.