Banner

القديم والجديد: مقارنة في قانون التحكيم بين مركز دبي المالي العالمي وسوق أبو ظبي العالمي

April, 07,2019
بقلم دانيل براون

نفذت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة كبرى لتحديث قوانينها وإجراءاتها من خلال تبني أفضل الممارسات الدولية لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة بشكل عام مع الإمارات العربية المتحدة. صدر قانون الشركات الجديد في عام 2015 وقانون الإفلاس في عام 2016 وقوانين الضرائب في عام 2017 وقانون التحكيم الاتحادي وقانون الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2018.

بالإضافة إلى ذلك صدر القانون الاتحادي رقم 18 لعام 2017 بتعديل قانون الشركات عبر السماح للسلطات بعدم تطبيق مطلب نسبة تملك الشراكة المحلية بواقع 51٪ في الشركات الإماراتية. فقد ارسل هذا رسالة واضحة للعالم مفادها أن دولة الإمارات العربية المتحدة منفتحة على الأعمال التجارية وتوجد بنية حديثة قوية تعتبر مألوفة للشركات الدولية الكبيرة وسوف تخدم متطلبات أعمالهم.

بلا شك بدأت هذه التغييرات قبل عام 2015. فقد أدركت دبي في وقت مبكر أنها بحاجة إلى نظام حديث تكون الأطراف الأجنبية على دراية به وأنشأت مركز دبي المالي العالمي ("DIFC") كمنطقة حرة داخل دبي. حيث يتمتع مركز دبي المالي العالمي بقوانينه التجارية الخاصة به باللغة الإنجليزية وتم إنشاء محاكم مركز دبي المالي العالمي في عام 2004 كمحاكم للغة الإنجليزية باستخدام إجراءات القانون الإنجليزي العام. صدر قانون التحكيم في مركز دبي المالي العالمي في عام 2008 ، وفي عام 2014 تم إنشاء هيئة حل النزاعات وفي عام 2015 أبرمت اتفاقية مع محكمة لندن للتحكيم الدولي ("LCIA") لإدارة التحكيم بموجب قواعد تحكيم مركز دبي المالي العالمي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي وتم إطلاق مركز التحكيم التابع لمحكمة لندن للتحكيم الدولي.

انضمت أبو ظبي إلى الى هذه التوليفة بعد ذلك بقليل حيث أسست سوق أبوظبي العالمي ("ADGM") في عام 2015 ، بقوانينها الخاصة ومحاكم القانون العام باللغة الإنجليزية. يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن بخلاف مركز دبي المالي العالمي وسوق أبو ظبي العالمي فإن الإمارات العربية المتحدة هي اختصاص قضائي مدني. تم اصدار لوائح التحكيم الخاصة بسوق أبو ظبي العالمي في 2015 وبدأ مركز التحكيم في سوق أبو ظبي العالمي عملياته في أكتوبر 2018.

الغرض من هذه المقالة هو مقارنة في قانون التحكيم بين مركز دبي المالي العالمي وسوق أبو ظبي العالمي.

التحكيم في مركز دبي المالي العالمي

يستند قانون التحكيم في مركز دبي المالي العالمي لعام 2008 إلى القانون النموذجي لهيئة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بشأن التحكيم التجاري الدولي لعام 1985 ("قانون الأونسيترال النموذجي") والذي تستند إليه جميع قوانين التحكيم الحديثة من اجل الامتثال لأفضل الممارسات الدولية. ينطبق قانون تحكيم المركز المالي العالمي عندما يكون مقر التحكيم هو مركز دبي المالي العالمي على الرغم من أن اجزاء معينة تنطبق حتى عند السعي إلى إنفاذ قرار صدر في مكان آخر. وبالتالي يمكن طلب التنفيذ لقرارات التحكيم الأجنبية والمحلية وهناك مذكرة تفاهم بين محاكم مركز دبي المالي العالمي ومحاكم دبي حيث ينفذ كل منهما قرارات الآخر. لهذا السبب أصبحت محكمة دبي المالي العالمي قناة لهذا الإنفاذ دون الحاجة إلى ترجمة جميع المستندات إلى العربية من قبل مترجم قانوني معتمد ، كما هو الحال في محاكم دبي.

إن قانون تحكيم مركز دبي المالي العالمي في صيغة يسهل التعرف عليه من قبل ممارسي التحكيم. فهو ينص على حرية الأطراف، صلاحية البت في الصلاحية، الدعم من محاكم مركز دبي المالي العالمي عند الضرورة، لا توجد قيود من حيث الجنسية على اختيار المحكم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، إذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين فإن الموقف الافتراضي هو المحكم المنفرد، إذا لم يتفق الأطراف على تعيين محكم يتم التعيين من قبل محكمة مركز دبي المالي العالمي الابتدائية، يكون مقر التحكيم هو مركز دبي المالي العالمي إذا اتفق الطرفان على ذلك أو إذا كان النزاع يحكمه قانون مركز دبي المالي العالمي، ويجوز للمحكمة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة، وقد يتم استشكال تنفيذ قرار التحكيم على أسس تنعكس في القانون النموذجي واتفاقية نيويورك (التي وقعت عليها الإمارات العربية المتحدة في عام 2006) وقانون التحكيم الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة. قد تشمل تكاليف مصاريف التحكيم التكلفة المعقولة للتمثيل القانوني التي تكبدها الطرف الفائز ، وهو ما لا يحدث دوماً في الاختصاصات القضائية للقانون المدني.

إن مركز تحكيم مركز دبي المالي العالمي ومركز لندن للتحكيم الدولي يدير دعاوى التحكيم التجارية بموجب عقود تتضمن قواعد تحكيم مركز التحكيم مركز دبي المالي العالمي ومركز لندن للتحكيم الدولي. وهذه القواعد هي أيضا بصيغة مألوفة لممارسي التحكيم. يعين مركز التحكيم المحكم / المحكمين وما لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين فإن الموقف الافتراضي هو المحكم المنفرد، وإذا لم يتمكن الأطراف من الاتفاق على تعيين محكم أو إذا تعذر على عضوين من أعضاء الفريق المعينين من قبل الطرفين الاتفاق على المحكم الرئيس، فإن مركز التحكيم يقرر نيابة عنهم. أما بالنسبة للجنسية حيث يكون الطرفان من جنسيات مختلفة، لا يجوز أن يكون المحكم المنفرد أو المحكم الرئيس من نفس جنسية أحد الطرفين ما لم يوافق ذلك الطرف على نحو كتابي. كما أن هناك بنود للتحكيم المُعجل والطارئ ولضم أطراف أخرى وضم دعاوى التحكيم حيث يتفق يوافق جميع الاطراف. سيطلب مركز تحكيم مركز دبي المالي العالمي ومركز لندن للتحكيم الدولي الدفع مقدماً على حساب تكاليف ورسوم المركز والمحكم / المحكمين. ويجوز لهيئة التحكيم أن تأمر أحد الطرفين بدفع التكاليف المعقولة للتمثيل القانوني للطرف الآخر استناداً إلى "القاعدة الإنجليزية" التي تنص على أن قرار التكاليف يجب أن يعكس النجاح والاخفاق النسبي للأطراف في القضايا التي تم الفصل فيها في التحكيم.

التحكيم في سوق أبو ظبي العالمي

يختلف التحكيم في مركز تحكيم سوق أبو ظبي العالمي، لأن المركز لا يدير عمليات التحكيم ولكنه يوفر فقط مكاناً وتسهيلات لعقد جلسات التحكيم. تستند لوائح التحكيم في سوق أبو ظبي العالمي لعام 2015 إلى قانون الأونسيترال النموذجي مع تعديلات لتعكس أفضل الممارسات الدولية. الجزء 3 من اللوائح هي الأحكام التشغيلية للتحكيم حيث يكون المقر هو سوق أبو ظبي العالمي أو أن تتضمن اتفاقية التحكيم اللوائح، وينطبق الجزء 4 على الاعتراف بقرارات التحكيم وتنفيذها. وتنص اللوائح على استقلالية الأطراف، صلاحية البت في الصلاحية، الوظائف الإشرافية لمحكمة سوق أبو ظبي العالمي، الاتصالات الإلكترونية، منصب افتراضي لمحكم منفرد، لا توجد قيود على الجنسية بشأن من يمكنه العمل كمحكم ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، تدابير مؤقتة، ضم دعاوى التحكيم وضم أطراف أخرى، منح المصاريف القانونية إذا طالب بها الطرف الفائز، ويجوز استشكال إنفاذ القرارات لكن لأسباب محدودة قائمة في القانون النموذجي واتفاقية نيويورك وقانون التحكيم الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ومع ذلك فإن مركز تحكيم سوق أبو ظبي العالمي لا يدير عمليات التحكيم وليس لديه قواعد تحكيم خاصة به. وبدلاً من ذلك فقد أبرم مركز تحكيم سوق أبو ظبي العالمي اتفاقية مع غرفة التجارة الدولية ("ICC") التي أسست في سوق أبو ظبي العالمي أول مكتب تمثيلي لمحكمة غرفة التجارة الدولية في الشرق الأوسط لخدمة الطلب المتزايد على التحكيم في المنطقة. على الرغم من أن مركز تحكيم التحكيم في سوق أبو ظبي العالمي لا يدير عمليات التحكيم ، إلا أنه يوفر مكانًا لعقد جلسات التحكيم مع أحدث التسهيلات بما في ذلك المؤتمرات الفيديوية والبرامج المتطورة لعرض القضايا حيث تتم اتاحتها لأي أطراف ترغب في حل نزاعاتها عبر التحكيم في سوق أبو ظبي العالمي وبالتالي يمكن لمكتب تمثيل غرفة التجارة الدولية قبول تسجيل القضايا بموجب قواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية والتي ستديرها محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية وتُعقد الجلسات في سوق أبو ظبي العالمي.

بموجب المادة 18 (3) من اللوائح، عندما لا يتفق الأطراف على تعيين محكم، يتم تعيينه من قبل مؤسسة التحكيم التي تدير التحكيم أو من قبل محكمة سوق أبو ظبي العالمي إذا لم يكن هناك مثل هذه المؤسسة. بالنسبة للمكان التحكيم، بموجب المادة 33 إذا لم يتفق الطرفان "يتم تحديد مقر التحكيم من قبل (أ) أي هيئة أو مؤسسة تحكمية أخرى أو شخص مخوَّل من قبل الأطراف بسلطات في هذا الصدد ، أو (ب) من قبل هيئة التحكيم ...". تشير هذه الكلمات إلى أنه يمكن أن يكون أحدهما، ولا يحظى أي منهما بالصدارة.

من الواضح إذا كانت الأطراف تعتزم استخدام مركز تحكيم سوق أبو ظبي العالمي كمكان للتحكيم فمن المنطقي اعتماد قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية وان تتم إدارة التحكيم من قبل غرفة التجارة الدولية. ad hoc إذا اختار الطرفان إجراء تحكيم خاص، فلن تكون هناك مؤسسة لإدارة إجراءات الدعوى، ولكن يجوز لمحكمة سوق أبو ظب المالي تقدمي دعم الاستضافة.

خاتمة

قوانين التحكيم في مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي متشابهة وتتوافق مع المعايير الحديثة. يكمن الاختلاف في حقيقة أن مركز تحكيم مركز دبي المالي العالمي ومركز لندن للتحكيم الدولي يدير إجراءات التحكيم وله قواعد التحكيم الخاصة به ، في حين أن مركز تحكيم سوق أبو ظبي العالمي لا يملك قواعد تحكيم ولا يدير إجراءات التحكيم ولكن يتمتع بتسهيلات رائعة ويعمل مع غرفة التجارة الدولية التي تدير إجراءات التحكيم ولديها قواعد التحكيم الخاصة بها. يجوز التصديق على أي حكم صادر من مركز دبي المالي العالمي أو سوق أبوظبي العالمي من خلال محاكم مركز دبي المالي العالمي أو سوق أبوظبي العالمي، كما هو الحال بالنسبة للأحكام الأجنبية. في كلتا الحالتين توجد مراكز تحكيم حديثة في المدن الرئيسية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم وضع هياكل قانونية لإنجاحها.