Banner

تأثير جائحة كوفيد-19 على قانون الإعسار الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة

14 أبريل 2020
بقلم بيتر بورينج

إن دولة الامارات العربية المتحدة وفقاً للبنك الدولي من حيث سهولة ممارسة الاعمال1 تحتل المرتبة السادسة عشرة متقدمةً بذلك على العديد من اقتصاديات الدول المتقدمة مثل فرنسا التي جاءت بالمرتبة 32، وتلت اقتصاديات دول قليلة أخرى فقط كالمملكة المتحدة التي إحتلت المرتبة 9 والولايات المتحدة بالمرتبة 6. ومع ذلك فإن توجه الإمارات العربية المتحدة لا يرادف سهولة ممارسة الأعمال التجارية عندما يتعلق الأمر بمواجهة حالات الاعسار، الذي تأتي فيه بالمرتبة 80 وبالتالي تأتي بعد المملكة المتحدة التي تحتل المرتبة 14 والولايات المتحدة بالمرتبة 2 وفرنسا في المرتبة 26

خلال تفشي وباء كبير وهو ما يحدث الآن ويتوقع أن يكون له تأثيراً كبيراً آخراً على اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، يمكننا توقع رؤية العديد من الشركات تسعى لبناء استراتيجيات تتضمن الانتعاش المالي وإعادة الهيكلة والإفلاس. هدفنا هو استكشاف ما إذا كان قانون الإفلاس الحالي في الإمارات العربية المتحدة قادر على تلبية مثل هذا الطلب بينما نتعمق في ما قد يبدو عليه الإطار القانوني ما بعد الوباء.

قانون الإفلاس الاتحادي الحالي لدولة الإمارات

إن قانون الإفلاس الاتحادي الحالي لدولة الإمارات العربية المتحدة هو قانون جديد مستقل بذاته يتألف من 230 مادة (القانون رقم 9 لعام 2016 المعدل بالقانون رقم 23 لعام 2019) ويتضمن ثلاثة إجراءات تعتمد بدرجة كبيرة على المحكمة وإجراء رابع يخضع لإشراف لجنة إعادة هيكلة مالية منشأة حديثاً

("لجنة إعادة الهيكلة المالية")، على النحو التالي:

1- إجراءات الصلح الواقي الطوعي وهو عملية تنظّمها المحكمة بدرجة معينة للأعمال التجارية المعسرة التي تواجه مشكلة في السيولة المالية

2- إجراءات إنقاذ / إعادة تأهيل ويُشرع بها بعد الإعسار حيث تعين المحكمة خبيراً / أميناً لإدارة الأعمال المعسرة.

خبير / وصي لإدارة الأعمال المعسرة ؛

3- إجراءات تصفية المعسر والذي كما تتوقع تتضمن تصفية الاعمال وتوزيع أصولها.

4- إجراءات إعادة هيكلة مالية خارج المحكمة وهي موجه في الأصل للمؤسسات المالية من النوع الذي يُسمى "مؤسسات مالية كبيرة جداً على أن تنهار" ولكنها توسعت مؤخراً لتشمل جميع الشركات "النظامية".

وتزامناً مع هذه الإجراءات، فقد أدخل قانون الإفلاس الجديد اختباراً جديداً للإعسار "الافراط في المديونية" ويعرف بأنه عدم تغطية " أصول المدين" في أي وقت من الأوقات التزاماته، وهو يضيف اختبار اعسار الميزانية العمومية إلى اختبار السيولة النقدية الموجود والذي يُعرف عموماً بأنه عدم قدرة الاعمال على دفع الديون التي عليها في غضون 30 يوماً من استحقاقها.

وسواء وجدت شركة تواجه صعوبات مالية نفسها في إجراءات صلح واق طوعي الواردة في (1) أعلاه أو في إجراءات إنقاذ / إعادة تأهيل الواردة في (2) أعلاه فإن ذلك يعتمد بقدر كبير على اختبار إعسار السيولة النقدية إذا كانت ديونها لم تدفع لأقل من 30 يوماً، فستجد نفسها في إجراءات الصلح الوقائي الطوعي المذكور في النقطة (1) أعلاه بينما إذا كانت ديونها لم تدفع لأكثر من 30 يوماً فستجد نفسها في إجراءات الإنقاذ / إعادة التأهيل المذكورة في النقطة (2) وبالطبع يشترط أن تكون ممن يمكن إنقاذها.

إذا تعذر إنقاذ الشركة فسوف تتجه إلى التصفية وتوزيع الأصول. مع ذلك فإن الإجراءين لا يتعارضان فإن كان المدين خلال الصلح الواقي غير قادر على سداد ديونه لأكثر من 30 يوماً ستتحول إجراءات الصلح إلى إجراءات إنقاذ / إعادة تأهيل للمعسر.

تم وضع القانون الحالي لتبسيط وتوفير حدود زمنية صارمة من أجل تحويل قانون الإفلاس قبل عام 2016 والذي لم يكن قانون إفلاس مستقل بذاته ولكن عبارة عن 255 مادة وردت في القانون التجاري (قانون رقم 18 لعام 1993).

كما إن القصد منه هو أن يكون خطوة نحو "ثقافة إنقاذ" أكثر ودية للمدين بحيث يكون المدين قادراً على تفادي عملية التصفية وتوزيع الأصول عن طريق إعادة الهيكلة المبكرة عبر توفير مساحة للتنفس التي تمنحها المحكمة بقرار الإيقاف. وأخيراً فقد تم تصميمه لتصحيح إخفاق الأعمال التجارية عن طريق إلغاء بعض الجرائم الجنائية السابقة ذات الصلة بالإفلاس وأبرزها تجريم الشيكات المرتجعة و "الإفلاس الافتراضي" (حيث لا يقدم المدين دعوى إفلاس في غضون 30 يوماً من بداية الإعسار).

وخلاصة القول فقد سعى القانون الحالي إلى تحسين التشريع القانوني لرواد الأعمال والشركات الصغيرة والمغامرين بهدف "تطوير ودعم النظام الاقتصادي لدولة الامارات" كما ذكر سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عندما ظهر قانون الإفلاس لعام 2016

فعالية القانون الحالي بعد ظهور كوفيد-19؟

إذن ... ما مدى فعالية القانون الحالي بعد ظهور كوفيد -19 ؟ لسوء الحظ من المرجح أن تكون الإجابة غير فعال على الإطلاق للأسباب التالية:

1- لا تغطي الشركات المملوكة جزئياً أو كلياً للدولة ما لم تقم هي بالإختيار. وهذا يترك فجوة كبيرة في القانون بالنظر إلى أن معظم الشركات الكبرى في الإمارات العربية المتحدة تخضع لدرجة من الاشراف الحكومي، وعلى سبيل المثال في الأزمة الأخيرة أوجد ذلك حاجة لإنشاء هيئة خاصة (القانون رقم 57 لعام 2009) للتعامل مع النزاعات المتعلقة بالوضع المالي لشركة دبي العالمية.

2- الإجراءات لا تلزم الدائنين المضمونين. يبقى تصنيفهم كما هو وفعال إذا كان لديهم ضمانات على الأصول الرئيسية للأعمال (كما يفعلون بالعادة) فيقوموا بإخراج قلب الاعمال مما يستحيل معه ضخ دم كاف لإبقاء بقية الأعمال على قيد الحياة، وهذا يعيق بشدة فعالية قانون الإفلاس الحالي من الناحية العملية.

3- أنه إجراء تقوده المحكمة بشكل صرف. فبينما كانت المسودات الأولية للقانون الحالي تنص على إجراءات خاصة خارج المحكمة للشركات التي تواجه صعوبات مالية ولكنها غير معسرة بعد بما يتماشى مع الاتجاهات الدولية في قانون الإعسار بما في ذلك الفصل 11 في الولايات المتحدة والإدارة في المملكة المتحدة، لكم من المؤسف أنه حتى الآن لم تظهر إجراءات خارج المحكمة. هذا من شأنه إعاقة الوصول إلى تسويات خارج المحكمة في الوقت الذي تحتاج فيه العديد من الشركات لهذا الخيار بشدة، وحيث يواجهون غالباً اختياراً صعباً ما بين ما تملي البنوك عليهم خارج المحاكم أو وضع أنفسهم تحت رحمة المحكمة.

4- أما بالنسبة للمحكمة نفسها فلا توجد في الواقع محكمة إفلاس متخصصة على الرغم من أن القانون الحالي متعمق جداً من الناحية الإجرائية نظراً حيث تعتمد هذه العملية على خبراء / أمناء تعينهم المحكمة وتقتضي موافقة المحكمة في كل مرحلة.

5- بالنسبة للشركات عبر الحدود فليس هناك اعتراف بالإفلاس عبر الحدود أو قانون الأونسيترال النموذجي بشأن الإفلاس عبر الحدود مما يعني أن كل ما يحدث في الولايات القضائية الريادية بشأن الإفلاس قد لا يحدث فرقاً في الإجراءات في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث عملياً تسعى المحاكم في الامارات إلى مساعدة اختصاصها القضائي فقط بما فيها قياس نتيجة المحصلات في ولايات قضائية أخرى مقابل مقياس السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

فيما يتعلق بالنقطة (3) أعلاه وتماشياً مع الاتجاهات الدولية في قانون الإفلاس (لا سيما الفصل 11 في الولايات المتحدة والتصفية في المملكة المتحدة)، نصت المسودات الأولية للقانون الحالي على إجراءات خاصة خارج المحكمة للشركات التي تواجه صعوبات مالية ولكنها ليست معسرة بعد. وللأسف لم يتم حتى الان اعتماد مثل هذا الإجراء لذلك يبقى المدين في أيدي المقرض خارج المحكمة أو في أيدي الخبراء / الأمناء المعينين من المحكمة إذا كان المدين يتمتع بما يكفي من الشجاعة لرمي نفسه تحت رحمة المحكمة.

بإختصار إن قانون الإعسار الإماراتي الحالي غير كافٍ لمواجهة أزمة بحجم الوباء الحالي. والواقع أنه حتى قبل تفشي وباء فيروس كورونا لم يستخدم العديد من أصحاب الأعمال المتعثرين قانون الإفلاس الحالي ونفترض إن ذلك بسبب التردد في التعامل مع المحاكم.

وكما رأينا فقد تم خلال السنوات القليلة الماضية إجراء العديد من الإصلاحات لمعالجة بعض القضايا التي واجهها القانون القديم. ومع ذلك لا يزال قانون الإفلاس الحالي يعاني من عيبين أساسيين. أولهما إنه يعتمد على المحاكم إجرائياً، وثانياً كانت العديد من الإصلاحات حتى الآن جزئية، على سبيل المثال عدم تجريم الشيكات المرتجعة يكون خلال إجراءات الإفلاس فقط.

إصلاحات طارئة للمساعدة في التعامل مع كوفيد 19

إ(1) إلغاء جميع العقوبات الجزائية المتعلقة بالإفلاس - قبل وخلال وبعد إجراءات الإفلاس إلا في حالة الاحتيال الجنائي الجلي.

(2) وضع إجراءات جديدة لإعادة هيكلة المعسر وغير المعسر خارج المحكمة - يجب أن تكون على غرار الفصل 11 في الولايات المتحدة وتوفر إطاراً قانونياً لإعادة الهيكلة الاتفاقية خارج المحكمة مع امر إيقاف صادر من المحكمة بدلاً من عملية تقودها المحكمة بالكامل. سيحتاج هذا الإجراء إلى السماح بالتوصل لتسويات اتفاقية دون تدخل من المحكمة ولكن يجب أن يكون التعديل بشكل بحيث يلزم كل من الدائنين المضمونين وغير المضمونين. كما يتعين في نفس الوقت ومن أجل إباحة استمرارية الأعمال أن يسمح لإدارة الشركة المتعثرة بممارسة أعمالها ما لم يكن هناك دليل على سوء إدارة واضح لا يعزى إلى وجود وباء غير متوقع.

(3) محكمة إفلاس / إعسار متخصصة جديدة - مدعومة بشكل جيد ذات كوادر قضائية مدربة لكي يتمكنوا من معالجة الحالات التي تتعذر فيها التسوية السريعة خارج المحكمة.

نبذة عن الكاتب:

بيتر بورينج، شريك في كلداري محامون ومستشارون قانونيون. وهو متخصص في مجالات التمويل والعقارات والمشاريع. يقدم بيتر الرأي القانوني للمؤسسات وصناديق الاستثمار والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية والمقترضين / مصدري السندات والرعاة الرسميين وكذلك البنوك والمؤسسات المالية. وبالإضافة إلى المشاريع والتمويل الإسلامي يتمتع بيتر بخبرة كبيرة في الحيازة والأصول والتمويل العقاري بالإضافة إلى معاملات الأوراق المالية وأسواق رأس المال. ويساعد بيتر الكيانات الإقليمية الرائدة في التعريف بالمشهد التنظيمي وإدارة المخاطر المؤسسية.

ii. A new specialist bankruptcy / insolvency court backed up by exceptional support and specialist training for the judiciary, in order for them to deal with those cases where an out-of- court settlement is not possible in as expeditious manner as possible;

iii. Application to partially or wholly owned governmental businesses unless they opt out; and

iv. Recognition of cross border insolvency.

Globally, insolvency systems are being tested by the current pandemic. The current UAE insolvency regime will require further transformation and realignment in order to manage the serious but temporary disaster. Emergency legislation, as set out above, is required to assist businesses in the UAE, for them to work through their nancial diculties without the need to cede control to the courts.